سورة الكهف - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الكهف)


        


قوله تعالى: {قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي} سببب نزولها أنه لما نزل قوله تعالى: {وما أوتيتم من العلم إِلا قليلاً} [الإسراء: 85] قالت اليهود: كيف وقد أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء؟ فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس. ومعنى الآية: لو كان ماء البحر مداداً يُكتَب به. قال مجاهد: والمعنى: لو كان البحر مداداً للقلم، والقلم يكتب. وقال ابن الأنباري: سمي المداد مداداً لإِمداده الكاتب، وأصله من الزيادة ومجيء الشيء بعد الشيء. وقرأ الحسن، والأعمش: {مدداً لكلمات ربِّي} بغير ألف.
قوله تعالى: {قبل أن تنفدَ كلمات ربي} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم: {تنفد} بالتاء. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: {ينفد} بالياء. قال أبو علي: التأنيث أحسن، لأن المُسنَد إِليه الفعلُ مؤنث، والتذكير حسن، لأن التأنيث ليس بحقيقي، وإِنما لم تنفد كلمات الله، لأن كلامه صفة من صفات ذاته، ولا يتطرق على صفاته النفاد، {ولو جئنا بمثله} أي: بمثل البحر {مدداً} أي: زيادة؛ والمدد: كل شيء زاد في شيء.
فإن قيل: لم قال في أول الآية: {مداداً} وفي آخرها: {مدداً} وكلاهما بمعنى واحد، واشتقاقهما غير مختلف؟
فقد أجاب عنه ابن الأنباري فقال: لما كان الثاني آخر آية، وأواخر الآيات هاهنا أتت على الفُعُل، والفِعَل، كقوله: {نُزُلاً} {هُزُواً} {حِوَلاً} كان قوله: {مَدَداً} أشبه بهؤلاء الألفاظ من المداد، واتفاقُ المقاطع عند أواخر الآي، وانقضاء الأبيات، وتمام السجع والنثر، أخف على الألسن، وأحلى موقعاً في الأسماع، فاختلفت اللفظتان لهذه العلة. وقد قرأ ابن عباس، وسعيد ابن جبير، ومجاهد، وأبو رجاء، وقتادة، وابن محيصن: {ولو جئنا بمثله مداداً} فحملوها على الأولى، ولم ينظروا إِلى المقاطع. وقراءة الأوَّلِين أَبْيَن حُجَّة، وأوضح منهاجاً.


قوله تعالى: {قل إِنما أنا بَشَر مِثْلُكم} قال ابن عباس: علَّم الله تعالى رسوله التواضع لئلا يزهى على خلقه، فأمره أن يُقِرَّ على نفسه بأنه آدمي كغيره، إِلا أنه أُكرم بالوحي.
قوله تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربِّه} سبب نزولها أن جندب بن زهير الغامدي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إِني أعمل العمل لله تعالى فاذا اطُّلع عليه سرَّني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِن الله طَيِّب لا يقبل إِلا الطيِّب، ولا يقبل ماروئي فيه» فنزلت فيه هذه الآية، قاله ابن عباس. وقال طاووس: جاء رجل إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إِني أُحب الجهاد في سبيل الله وأُحب أن يُرى مكاني، فنزلت هذه الآية. وقال مجاهد: جاء رجل إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إِني أتصدق، وأصل الرحم، ولا أصنع ذلك إِلا لله تعالى، فيُذكَر ذلك مِنِّي وأُحمَد عليه فيسرُّني ذلك وأُعجَب به، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية.
وفي قوله: {فمن كان يرجو} قولان:
أحدهما: يخاف، قاله ابن قتيبة.
والثاني: يأمل، وهو اختيار الزجاج. وقال ابن الأنباري: المعنى: فمن كان يرجو لقاء ثواب ربِّه. قال المفسرون: وذلك يوم البعث والجزاء. {فَلْيعمل عملاً صالحاً} لا يرائي به {ولا يشركْ بعبادة ربه أحداً} قال سعيد بن جبير: لا يرائي. قال معاوية بن أبي سفيان: هذه آخر آية نزلت من القرآن.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12